جودزيلا - ما بين روعة النسخة اليابانية ومؤثرات النسخة الهوليودية

لا يعرف الكثيرون من متابعي أفلام جودزيلا في السنوات الأخيرة؛ أن تصميم وابتكار النسخة الأصلية هو عمل فني ياباني من الدرجة الأولى، وحولته أستوديوهات هوليوود الأمريكية إلى عدة نسخ، منها ما قابل نجاحًا كبيرًا، وساهم في انتشار ذلك العالم الثري.

ظهر جودزيلا لأول مرة في فيلم "Godzilla" لعام 1954، والذي أنتجته شركة توهو اليابانية للأفلام. كان الفيلم بمثابة استعارة مروعة للقوة المدمرة للأسلحة النووية، حيث ظهر الوحش بعد هجوم نووي على جزيرة صغيرة في المحيط الهادي.

تختلف أصول جودزيلا عبر مختلف الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، لكن غالبًا ما يتم تصويره على أنه مخلوق ضخم متحول من زواحف البحر أو ديناصور. في الفيلم الأصلي، تعرض جودزيلا للإشعاع النووي، مما أدى إلى تحوله. بينما في أفلام أخرى، كان جودزيلا كائنًا قديمًا عاش في أعماق المحيط لآلاف السنين.

أصبح جودزيلا رمزًا ثقافيًا يابانيًا ودوليًا، حيث ظهر في أكثر من 30 فيلمًا ومسلسلاً تلفزيونيًا، بالإضافة إلى العديد من الكتب والقصص المصورة وألعاب الفيديو. يُعد جودزيلا أحد أكثر الشخصيات شهرة في نوع الكايجو، وهو نوع من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي تتميز بوجود وحوش عملاقة.

ولكن الصناع الأصليون للشخصية والعالم كانوا هم نواة الأفكار الغير تقليدية لهذا العالم، وعلى الرغم من عدم انتشار النسخ اليابانية في العالم العربي؛ إلا أن الفيلم الأخير لاقى شعبية كبيرة في عدة دول عربية، وطرح مقارنة بين الفيلم الأمريكي الأخير الذي كان على موعد مع الكثير من الانتقادات.

Godzilla minus one – عندما يكون الخيال الهامًا

الصورة عبر Latrach Med Jamil على unsplash

حظي فيلم "جودزيلا ناقص واحد" ب العديد من التقييمات الإيجابية من النقاد والجمهور على حدٍ سواء. فالعمل لم يركز على شخصية جودزيلا كعنصر رئيسي، ولكن في الوقت ذاته جعلها محور الأحداث.

اعتمد صناع العمل هذه المرة على خط درامي يتخلله قصة إنسانية، تبرز التحول البشري الطبيعي من الضعف في زمن الحرب، وحتى فكرتي البطولة والتضحية، وناقش العمل بشكل محدد بعض الأفكار اليابانية التي تأصلت وقتذاك بشكل كبير. وربما كان هناك نقدًا ما لهذه المعتقدات، وذلك عن طريق ابراز الحلول البديلة التي ساهمت في نجاح أبطال العمل، وحصلوا على انتصارهم على الوحش المخيف في النهاية.

في الوقت ذاته، وعلى الرغم من الجودة الهائلة للمؤثرات في الفيلم، إلا ان الأفكار العلمية التي أبرزها الفيلم كانت بسيطة للغاية، وتعتمد على فهم بدائي للعلوم الفيزيائية. فمن الممكن أن يفهم الإنسان العادي ماهية تلك الأفكار. وأيضًا كان يتخللها الكثير من الواقعية مع الخط الخيالي.

Godzilla x Kong: The New Empire – مؤثرات بلا روح

الصورة عبر Jezael Melgoza على unsplash

وكان ذلك عكس النسخة الأمريكية تمامًا، فاعتمد صناع العمل كالعادة على نظريات علمية خيالية بها ابتعاد كثير عن الحقائق، وتم سردها بكثير من التعقيد، مما جعل المشاهد في أغلب الأوقات في حالة توهان، ربما كانت مقصودة.

تلقت آراء النقاد حول الفيلم آراء متباينة. أشاد بعض النقاد بمشاهد الأكشن والمؤثرات البصرية، بينما وجد البعض الآخر أن الحبكة مكررة والشخصيات غير متطورة. بغض النظر عن ذلك.

وبالرغم من تركيز الفيلم على شخصية كونج أكثر من جودزيلا، إلا أن النسخة الهوليودية ساهمت كالعادة في طرح جودزيلا بدون فكرة محددة عن وجوده.

وكانت هناك كثير من الآراء التي ترجح كون كونج صناعة أمريكية، بأن ذلك كان مقصودًا، أي ظهور كونج كوحش صديق للبشر، له من الذكاء ما يسمح للتواصل معهم، عكس جودزيلا تمامًا.

حتى مع محاولة صناع الفيلم وضع شخصية الطفلة التي تتواصل مع الوحوش، كعنصر إنساني؛ إلا ان ذلك لم يقلل من حالة التشتت لدى المشاهد. والعجيب حقًا إصرار صناع الفيلم على وضع المزيد من الخيال العلمي المعقد في نسج شخصيات ووحوش جديدة، عن طريقها أصبح الفيلم مجرد ساحة للحرب بين العديد من الوحوش والأنواع، وما كان البشر إلا عناصر مساعدة في بضع لحظات ليس أكثر. كأن الفيلم يقول إن البشر ما هم إلا تابعين لهؤلاء الوحوش، وتتعلق مصائرهم بهم في كل حين.

عمومًا الفيلمين يستحقا المشاهدة، ولكن لا تتوقع الكثير من النسخة الهوليودية، حيث أنها موجهه أكثر لمحبي الإثارة والمؤثرات مثل سلاسل عالم مارفل.

أما النسخة اليابانية فهي تقدم فكرًا غير مسبوق، وتجعلك تتأمل، بل وقد تدفعك في بعض الأحيان لقراءة تاريخ هذا الشعب الذي عانى الكثير بسبب الأخطاء في القرن الماضي، إلى جانب منحك شغفًا عن أصول عالم جودزيلا العجيب.

toTop